الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.فصل في فائدة هذا الخلاف: وأما فائدة هذا الخلاف وفقهه فإنما يظهر في مسائل من الوصايا مثل أن توصي امرأة لها زوج وأب بثلث ما يبقى من مالها بعد أخذ ذوي الفروض سهامهم فإن قلنا إنه يرث بالتعصيب فليس ثم ذو فرض إلا الزوج فتكون الوصية واقعة على ثلث النصف وهو السدس من الكل فيصير معنى كلامها قد تصدقت بثلث نصف مالي وهو السدس لأن النصف هو الباقي بعد فرض الزوج فأصل الفريضة من اثنين على هذا فتنقسم من اثني عشر فيكون السدس للموصى إليه وهو اثنان ويبقى عشرة للزوج النصف وللأب ما بقي وذلك خمسة لأنه لا ميراث إلا بعد إخراج الوصية.وعلى القول الثاني أنه يرث بالفرض والتعصيب معا أصل الفريضة من ستة وتنقسم من سبعة وعشرين لأن الباقي بعد السهام هو الثلث والذي أوصت به ثلث الثلث وهو التسع من الكل.فتضرب ثلاثة في تسعة من أجل التسع فذلك سبعة وعشرون للموصى إليه ثلاثة ويبقى للورثة أربعة وعشرون للزوج النصف وللأب السدس وهو أربعة وما بقي فهو له بالتعصيب لأن الفعل في فريضة الستة إذا أوصى الميت بالتسع أن يضاف إلى عدد الفريضة الثمن وثمن الستة كسر وللستة نصف كما للثمانية نصف وهو الأربعة فتضرب أربعة في ستة بأربعة وعشرين ثمنها ثلاثة فتزيد ثلاثة على أربعة وعشرين فيكون العدد تسعة أجزاء بغير كسر فيأخذ الموصى إليه التسع ويكون للورثة ما بقي.فإن كان الهالك رجلا ترك امرأة وأبا فأصل الفريضة من أربعة إذا قلنا إن الأب يرث بالتعصيب وأنه لا سدس له فريضة فللزوجة ربع وللأب ما بقي فإن أوصى الزوج بثلث ما بقي فهو الربع من الكل فتضيف إلى الفريضة ثلثها ولا ثلث للأربعة فتضرب ثلاثة في أربعة بإثني عشر ثم تضيف إلى الاثني عشر ثلثها وذلك أربعة فينقسم المال من ستة عشر للموصى إليه الربع وللزوجة ربع ما بقي وهو ثلاثة وللأب بالتعصيب تسعة.وإن قلنا إن للأب السدس فريضة فأصل الفريضة من اثني عشر للزوجة الربع وهي ثلاثة وللأب السدس وهو اثنان وما بقي سبعة يأخذها بالتعصيب والهالك قد أوصى بثلث ما يبقى بعد الفرائض وذلك ثلث السبعة ونسبته إلى المال ثلث نصف وثلث سدس النصف.وتلخيصه سدس وسدس سدس بالإضافة إلى الكل فتضرب ثلاثة في أصل الفريضة من أجل الثلث فذلك ستة وثلاثون سدسها ستة وسدس سدسها واحد فذلك سبعة للموصى إليه والباقي تسعة وعشرون وهي لا تنقسم إلي سدس وربع فتضرب ستة وثلاثون في ستة وذلك مائتان وستة عشر للموصى إليه منها اثنان وأربعون ويبقى عدد لا ربع له وله نصف فتضرب اثنين في مائتين وستة عشر فذلك أربعمائة واثنان وثلاثون وصار معنى الضرب إلى اثني عشر في ستة وثلاثين والاثنا عشر هي أصل الفريضة فحظ الموصى إليه سدس وسدس سدس وذلك أربعة وثمانون من أربعمائة واثنين وثلاثين والباقي ثلاثمائة وثمانية وأربعون للزوجة منها الربع وذلك سبعة وثمانون للأب السدس وذلك ثمانية وخمسون..فصل فيمن يرث بالفرض والتعصيب: وممن يرث بالفرض والتعصيب معا ابن العم إذا كان أخا لأم فإن له السدس بالفرض والباقي بالتعصيب فإن كان معه ابن عم ليس بأخ لأم فقد اختلف الصحابة في ذلك فمنهم من حجب ابن العم بالأخ للأم وحجتهم أنه يدلي بسببين فحجب من يدلي بسبب واحد كما يحجب الأخ الشقيق الأخ الذي للأب وكذلك سائر العصبات ومنهم من جعل السدس للأخ للأم وقسم الباقي بينهما وعليه العمل عند مالك وهو مذهب زيد بن ثابت.وكذلك اختلفوا في الأخوة للأم مع الإخوة للأب والأم إذا كان معهم زوج وأم وهي التي تسمى المشتركة واختلف فيها قول عمر وقول زيد بن ثابت وقد قيل إن كان صاحب تكلم فيها فقد اختلف عنه فيها إلا عليا فإنه لم يختلف عنه أنه لم يشركهم مع الإخوة للأم فللزوج النصف وللأم السدس وللإخوة للأم الثلث فريضة فلا يبقى للأشقاء شيء فمن العلماء من حجبهم لأنهم عصبة الميت وقد أحاطت الفرائض بالمال ولا شيء للعصبة إلا ما بقي بعد الفرائض وممن قال بهذا القول عمر بن الخطاب رضي الله عنه في إحدى الروايتين عنه وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه وقال به من فقهاء الأمصار جماعة والذي عليه مذهبنا أن الإخوة الأشقاء يشتركون مع الإخوة للأم في الثلث لأنهم كلهم يدلون بالأم ويقول الأشقاء هب أبانا كان حمارا أليست أمنا واحدة ولذلك سميت الحمارية لأنها لما نزلت في زمن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال الإخوة.هذا القول فسميت الفريضة بذلك.وليس في النساء من يرث بالتعصيب على كل حال إلا مولاة النعمة وهي المعتقة.ولا يرث من النساء إلا سبع خمس بالنسب وواحدة بالصهر وهي الزوجة وواحدة بالولاء وهي المعتقة.ويرث من الرجال عشرة ثمانية بالنسب وواحد بالصهر وهو الزوج وواحد بالولاء وهو المعتق..فصل في أصول الفرائض وفي الفرائض العائلة: وأما أصول الفرائض فسبع فريضة من اثنين وفريضة من ثلاثة وفريضة من أربعة وفريضة من ستة وفريضة من ثمانية وفريضة من اثني عشر وفريضة من أربعة وعشرين.فهذه أصول الفرائض لا عول فيها ثم يدخل العول في فريضة الستة فتعول إلى سبعة وإلى ثمانية وإلى تسعة وإلى عشرة.ويدخل العول في فريضة الاثني عشر فتعول إلى ثلاثة عشر وإلى خمسة عشر وإلى سبعة عشر.ويدخل العول أيضا في فريضة الأربعة والعشرين فتعول إلى سبعة وعشرين.فجميع الفرائض العائة ثماني فرائض والفرائض التي لا عول فيها أربع فأصول الفرائض على هذا خمسة عشر ما بين عائلة وغير عائلة لأن فريضة الاثنين والثلاثة والأربعة والثمانية لا يدخلها عول البتة.ومعنى العول الميل وأكثر المفسرين قالوا في قوله تعالى: {ذلك أدنى ألا تعولوا} معناه ألا تميلوا فكل فريضة عائلة قد مال فيها بعض السهام على بعض ونقص من كل سهم قدر ما يقتضيه التعديل والتقسيط.ولم يكن مذهب ابن عباس رضي الله عنه في الفرائض إذا عجز المال عنها أن يأخذ بالعول فيها واحتج بأن الله تعالى قد سمى لهم ما سمى فلا سبيل إلى التنقص منه ولكنه كان يسقط منهم من يرث في حال دون حال كالأخت والجد والجدة ولا يسقط من يرث على كل حال كالزوج والبنت وانفرد بهذا القول وهي من إحدى المسائل الخمس التي انفرد بها رضي الله عنه. اهـ..تفسير الآية رقم (13): قوله تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13)}.مناسبة الآية لما قبلها: قال البقاعي:ولما كان فطم أنفسهم عن منع الأطفال والنساء شديدًا عليهم لمرونهم عليه بمرور الدهور الطويلة على إطباقهم على فعله واستحسانهم له أتبعه سبحانه الترغيب والترهيب لئلا يغتر بوصف الحليم، فقال معظمًا للأمر بأداة البعد ومشيرًا إلى جميع ما تقدم من أمر المواريث والنساء واليتامى وغيره: {تلك} أي هذه الحدود الجليلة النفع العظيمة الجدوى المذكورة من أول هذه السورة، بل من أول القرآن {حدود الله} أي الملك الأعظم، فمن راعاها- ولو لم يقصد طاعته، بل رفعًا لنفسه عن دناءة الإخلاد إلى الفاني ومعرة الاستئثار على الضعيف المنبئ عن البخل وسفول الهمة- نال خيرًا كبيرًا، فإنه يوشك أن يجره ذلك إلى أن يكون ممن يطيع الله {ومن يطع الله} الحائز لصفتي الجلال والإكرام {ورسوله} أي في جميع طاعاته هذه وغيرها، بالإقبال عليها وترك ما سواها لأجله سبحانه؛ قال الأصبهاني: من عام ووقوعه عقيب هذه التكاليف الخاصة لا يخصصه.ولما تشوف السامع بكليته إلى الخبر التفت إليه تعظيمًا للأمر- على قراءة نافع وابن عامر بالنون- فقال: {ندخله جنات} أي بساتين، وقراءة الجماعة بالياء عظيمة أيضًا لبنائها على الاسم الأعظم وإن كانت هذه أشد تنشيطًا بلذة الالتفات {تجري من تحتها الأنهار} أي لأن أرضها معدن المياه، ففي أي موضع أردت جرى نهر.فهي لا تزال يانعة غضة، وجمع الفائزين بدخول الجنة في قوله: {خالدين فيها} تبشيرًا بكثرة الواقف عند هذه الحدود، ولأن منادمة الإخوان من أعلى نعيم الجنان.ولما كان اختصاصهم بالإرث عن النساء والأطفال من الفوز عندهم، بل لم يكن الفوز العظيم عندهم إلا الاحتواء على الأموال وبلوغ ما في البال منها من الآمال قال تعالى معظمًا بأداة البعد: {وذلك} أي الأمر العالي المرتبة من الطاعة المندوب إليها {الفوز العظيم} أي لا غيره من الاحتواء على ما لم يأذن به الله، وهذا أنسب شيء لتقديم الترغيب لتسمح نفوسهم بترك ما كانوا فيه مع ما فيه من التلطف بهذه الأمة والتبشير له صلى الله عليه وسلم بأنها مطيعة راشدة. اهـ..من أقوال المفسرين: .قال الفخر: قوله: {تِلْكَ} إشارة إلى ماذا؟ فيه قولان: الأول: إنه إشارة إلى أحوال المواريث.القول الثاني: إنه إشارة إلى كل ما ذكره من أول السورة إلى هاهنا من بيان أموال الأيتام وأحكام الأنكحة وأحوال المواريث وهو قول الأصم، حجة القول الأول أن الضمير يعود إلى أقرب المذكورات، وحجة القول الثاني أن عوده إلى الأقرب إذا لم يمنع من عوده إلى الأبعد مانع يوجب عوده إلى الكل.البحث الثاني: أن المراد بحدود الله المقدرات التي ذكرها وبينها، وحد الشيء طرفه الذي يمتاز به عن غيره، ومنه حدود الدار، والقول الدال على حقيقة الشيء يسمى حدًا له، لأن ذلك القول يمنع غيره من الدخول فيه، وغيره هو كل ما سواه. اهـ..قال الألوسي: {تِلْكَ} أي الأحكام المذكورة في شؤون اليتامى والمواريث وغيرها، واقتصر ابن عباس رضي الله تعالى عنهما على المواريث {حُدُودَ الله} أي شرائعه أو طاعته أو تفصيلاته أو شروطه، وأطلقت عليها الحدود لشبهها بها من حيث إن المكلف لا يجوز له أن يتجاوزها إلى غيرها.{وَمَن يُطِعِ الله وَرَسُولَهُ} فيما أمر به من الأحكام أو فيما فرض من الفرائض، والإظهار في مقام الإضمار لما مرت الإشارة إليه {يُدْخِلْهُ جنات} نصب على الظرفية عند الجمهور، وعلى المفعولية عند الأخفش.{تَجْرِى مِن تَحْتِهَا} أي من تحت أشجارها وأبنيتها، وقد مرّ الكلام في ذلك {الأنهار} أي ماؤها {خالدين فِيهَا} حال مقدرة من مفعول {يُدْخِلْهُ} لأن الخلود بعد الدخول فهو نظير قولك: مررت برجل معه صقر يصيد به غدًا، وصيغة الجمع لمراعاة معنى {مِنْ} كما أن إفراد الضمير لمراعاة لفظها {وَذَلِكَ} أي دخول الجنات على الوجه المذكور {الفوز} أي الفلاح والظفر بالخير {العظيم} في نفسه أو بالإضافة إلى حيازة التركة على ما قيل؛ والجملة اعترض. اهـ..قال النسفي: {حُدُودُ الله} سماها حدودًا لأن الشرائع كالحدود المضروبة للمكلفين لا يجوز لهم أن يتجاوزها. اهـ.
|